فضل الخطيب - خاص موقع جميعة العمل البلدي

حتى ما قبل الأزمة المالية، كانت بلديات لبنان كافة تعاني من أزمة التخلص من النفايات المنزلية، إذ لم تضع الحكومات المتعاقبة خططاً بيئية لحل المعضلة. جلّ ما كان موجوداً بحوزة البلديات واتحاداتها هو معامل فرز متواضعة تقوم بفرز المواد العضوية عن البلاستيك والمعادن. حتى التوعية للفرز المنزلي وإعادة التدوير اقتصرت على بعض التجارب في بلدات هنا أو أحياء هناك.

هذا الواقع الصعب عانت منه محافظة البقاع عموماً، إلا أن تجربة نُفذت ضمن اتحاد بلديات غربي بعلبك شكّلت فرقاً في حلّ معضلة ثلاث بلديات. معمل الفرز في تمنين الفوقا، إضافة إلى دوره في فصل النفايات، ينتج كومبوست للزرع وخشباً مضغوطاً للتدفئة.

رئيس بلدية تمنين الفوقا، حسين جانبين تحدث لموقع جمعية العمل البلدي عن المعمل ودوره في تخفيف عبء تراكم النفايات في البلدة، فضلاً عن مهامه الأخرى ومراحل تطويره.

يرجع جانبين إلى العام 2019، يوم تأسيس معمل فرز النفايات بتمويل من منظمة الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (UNHCR)، كجزء من جهود مشتركة لدعم المنطقة. نفّذ المشروع ضمن سياق سلسلة مشاريع بدأت في مجدل عنجر، وبعدها المنارة، وأخيراً في تمنين الفوقا.

يضيف رئيس بلدية تمنين إنه بجهود مشتركة بين الاتحاد والبلدية والجهات المانحة أُقيم المشروع بكلفة زادت عن 700 ألف دولار أمريكي. وبعد اكتماله، قدمت الجهة المانحة تجهيزات إضافية منها تراكتور، وبيك أب، وحاويات فرز القمامة بأنواعها المختلفة (طعام، بلاستيك).

ولأن دور المعمل يتكامل مع الفرز المنزلي، أطلق الاتحاد والبلدية حملات توعية تحث على الفرز من المصدر، ووزعت حاويات للمنازل تعزيزاً للمشروع وتخفيفاً من كمية النفايات.

يأسف رئيس بلدية تمنين الفوقا حسين جانبين، لعدم التزام قسم من الأهالي بالفرز من المصدر، ولأن حاجة المعمل تقتضي كمية محددة، طُلب توسيع نطاق الفرز ليشمل قريتي قصرنبا وتمنين التحتا. بعدها تم إبعاد بلدة قصرنبا واستبدالها ببلدة بدنايل، حرصاً على تأمين الكمية المطلوبة من النفايات شهرياً لتشغيل المعمل.

وفي حديثه لموقعنا، يشير جانبين إلى أنه إضافة إلى مهام الفرز، يقوم المعمل بتحويل النفايات العضوية إلى سماد عضوي (كومبوست). يُستخدم الكومبوست لحاجة البلدية الزراعية، ويُباع قسم منه لمزارعي المنطقة بأسعار مدروسة، دعماً لأوضاعهم وتخفيفاً من أعباء كلفة الإنتاج.

استمر عمل المعمل حتى العام 2021، حين أعلنت منظمة "ضد الجوع" عن نيتها تطوير العمل والمساهمة في تشغيله بالطاقة القصوى عبر توظيف عمال أجانب، على أن يكون التوزيع متساوياً بين السوريين واللبنانيين. عندها، ولحاجة المنطقة الملحة للتدفئة شتاءً، تم استبدال معمل الكومبوست بمعمل يقوم على تحويل النفايات الخشبية إلى خشب مضغوط قابل للاشتعال، كبديل رخيص عن حطب التدفئة.

يقول رئيس بلدية تمنين الفوقا إن فكرة إنشاء المعمل كانت نتيجة الحاجة الماسة إلى حلول مستدامة لأزمة النفايات، واليوم يرى الجميع نتائجه الإيجابية. ويضيف إن التحديات الصعبة التي واجهها المعمل لم تثنه عن الاستمرار، والجهد قائم لتحسين الأداء وزيادة الإنتاجية.

يُظهر معمل فرز النفايات في بلدية تمنين الفوقا كيف يمكن لمشاريع إعادة التدوير أن تسهم في الحفاظ على البيئة عبر تقليل النفايات. كذلك تعد تجربة معامل الفرز فرصة لتأمين مدخل مالي للبلدية في ظل الظروف الصعبة، ومشروع بيئي مهم لكل بلدية واتحاد.