
موقع جمعية العمل البلدي - رهف حرب
في ظل انطلاقة المجالس البلدية الجديدة بعد الاستحقاق البلدي، تبرز أهمية مرحلة التسلّم والتسليم بين العهدين لا كإجراء شكلي بل كركيزة جوهرية لضمان استمرارية العمل البلدي وتثبيت مبادئ الشفافية والمساءلة. وضمن هذا السياق، قدم المحامي والخبير البلدي الأستاذ عباس الغول شرحاً تفصيليًا لهذه المرحلة بمضامينها الفنية والقانونية والإدارية والواقعية.
وفي حديث لاذاعة النور، أوضح عباس أنّ عملية التسلّم لا تقتصر على تبادل رمزي للمسؤولية، بل تشمل تسليمًا دقيقًا لمجمل الوثائق والسجلات مثل محاضر الجلسات، قرارات المجلس البلدي، سندات الملكية، سجلات الصادرات والواردات، السجل المالي، جداول التكليف، وجداول الموظفين. هذه الوثائق تشكّل الأرضية التي يُبنى عليها التخطيط للمرحلة المقبلة، كما تتيح للرئيس الجديد تكوين رؤية واقعية لحجم المسؤوليات.
حضور قانوني وإداري في عملية التسليم
ومن الناحية القانونية وبحسب الخبير فإن حضور رئيس البلدية الجديد والسابق يعد كافيا، إلى جانب نائب الرئيس وأمين السر لتوثيق المحضر الرسمي. إلا أنّ العرف جرى على توسيع هذا الحضور ليشمل أعضاء المجلسَين، بالإضافة إلى رؤساء الأقسام والموظفين الأساسيين، من أجل ضمان وضوح العملية وتعزيز عنصر الشفافية.
توقّف الخبير عند أهمية الفترة غير الرسميةالتي تسبق بدء الولاية الجديدة، حيث تبدأ لقاءات غير علنية بين أعضاء العهدين المتعاقبين، هذه اللقاءات تمثّل فرصة للاستفادة من الخبرات السابقة، والتعرّف على الواقع البلدي عن قرب، بعيدًا عن الانقطاع المفاجئ الذي قد يعرقل الانطلاقة الجديدة.
مشاريع عالقة وأزمة مالية
وتطرق الخبير الى المشاريع التي بدأ تنفيذها والتي يُلزَم المجلس الجديد بمتابعتها وتلك التي لم تُنفذ بعد رغم إصدار قرارات بشأنها. وفي الحالة الثانية، قد تُعاد هذه المشاريع إلى المجلس الجديد للنظر فيها مجددًا، كما حدث فعلاً في قرارات أوقفتها وزارة الداخلية لصدورها في نهاية عهد سابق، وأُعيد طرحها أمام المجلس الجديد للبت فيها وفق رؤيته.
وأوضح بصراحة الوضع المالي الصعب للبلديات في لبنان لا سيّما منذ عام 2019 حيث بدأت الأزمة الاقتصادية والمالية المستمرة، فالصندوق البلدي المستقل يعاني من تقطع في التمويل والجباية المحلية ضعيفة، فيما تعاني البلديات من أعباء متزايدة في ظل تقلّص الدعم الحكومي وغياب الاستثمار. هذه الأزمات تجعل من الصعب تنفيذ مشاريع كبرى ما يفرض الاعتماد على مصادر تمويل خارجية كالمساعدات الدولية.
الشفافية والأرشفة: حجر الزاوية في الإصلاح
وأكّد الخبير أن الشفافية تبدأ من الأرشفة، مشيدًا بتجربة بلدية الغبيري التي وصف أرشيفها بـ"المميز جدًا" حيث بذلت البلدية جهودا كبيرا في العمل على أرشيفها، فتوثيق المعاملات والعقارات والمستندات المالية هو ما يوفّر للمجلس الجديد أدوات الرقابة والمحاسبة ويسمح بمراجعة دقيقة لكل قرار سابق، ما يعزز الثقة ويمنع الهدر والتزوير.
ثبات الموظفين وتبدّل المتعاقدين: هيكلية إدارية مرنة
وعن واقع الموظفين في البلديات، أشار إلى أن الموظفين الثابتين يخضعون للملاك ولا تشملهم تغييرات العهد الجديد، فيما يُترك أمر المتعاقدين كالمحامين، المهندسين، الإعلاميين لتقدير المجلس الجديد بعد انتهاء مدة عقودهم السنوية. أما العمال المياومون، فيبقى مصيرهم مرتبطًا مباشرة بقرارات الرئيس الجديد.
وشدّد الخبير على أن بعض الوظائف التي تعتبر "كمالية" في نظر البعض هي في الحقيقة أساسية، خاصة في ظل تغير الزمن. وأعطى مثالًا على أهمية عامل التنظيفات أو من يعملون في تصليح شبكات الصرف الصحي، معتبراً أن هؤلاء العمّال هم الواجهة الحقيقية لخدمة الناس.
وفي ختام حديثه لاذاعة النور، قدّم عباس الغول مجموعة من التوصيات الأساسية للمجالس الجديدة، أبرزها إعداد دليل إجرائي يحدد آليات التسلّم والتسليم وتدريب الأعضاء الجدد خاصة الرؤساء ونوابهم على القوانين المنظمة للعمل البلدي بالاضافة الى تعزيز الأرشفة الإلكترونية لتأمين استدامة البيانات واعتماد سياسة تواصل مع المواطنين لتحسين الثقة وأيضا فصل المصالح الخاصة عن العمل البلدي لما يتطلبه من تفرغ وجهد يومي. وتعد كل هذه النصائح بمثابة خريطة طريق واقعية لكل من ينوي خوض غمار العمل البلدي بجدية ومسؤولية.
تاريخ النشر:2025-06-03