
صحيفة النهار اللبنانية - لينا إسماعيل
في محافظة بعلبك الهرمل، حيث يمثل المزاج الشعبي عنصراً أساسياً في السياق السياسي، يُطرح سؤال عما إذا كانت الانتخابات البلدية والاختيارية لعام 2025 ستظهر اتجاهات قد تؤثر على الانتخابات النيابية المقبلة، أم أن كل انتخابات لها ظروفها الخاصة التي تجعلها مختلفة.
هذه الانتخابات بمثابة اختبار أولي لكشف مدى رضا الشعب عن القوى السياسية في هذه المنطقة، لاسيما ثنائي "حزب الله" و"حركة أمل" ، في ظل التداعيات التي خلفتها الحرب الأخيرة والتغيرات الاقتصادية والمعيشية التي طالت حياة المواطنين وتعكس بعض الميول السياسية التي قد تتبلور في الانتخابات النيابية المقبلة.
بالرغم من ذلك، فإن الثنائي الشيعي، سيكون في موقع متقدم في الانتخابات البلدية بسبب قوته السياسية الكبيرة في المنطقة وقدرته على التأثير في الأوضاع المحلية. خصوصاً أن مراسم تشييع الأمينين العامين السابقين لـ "حزب الله"، السيدين حسن نصرالله وهاشم صفي الدين، شهدت مشاركة كبيرة واقفالا عاما في المحافظة، وتدل المشاركة الواسعة على تماسك المجتمع في المنطقة واستمرار الدعم للحزب، خصوصاً في محافظة تُعد معقلاً له. وتعكس هذه الأحداث تفاعل المواطنين مع القضايا المهمة التي تؤثر على هويتهم السياسية والاجتماعية، وتنعكس بوضوح على مستقبل المنطقة.
يؤكد رئيس الهيئة التنفيذية في "حركة أمل" الدكتور مصطفى فوعاني لـ "النهار" أن الانتخابات البلدية والاختيارية ستجرى وفق لوائح موحدة، تنفيذاً للاتفاق الذي أبرم بين الرئيس نبيه بري والسيد حسن نصرالله، وتم تجديده مع حزب الله. ويبرز أهمية التشاور مع العائلات والفعاليات المحلية في القرى والبلدات لاختيار ممثلين يتمتعون بالقدرة على خدمة مجتمعاتهم وتلبية احتياجاتها، مشدداً على ضرورة انتقاء أعضاء بلديين يمتلكون الكفاية العلمية والخبرات الضرورية للقيام بالعمل البلدي بمهنية عالية.
وعلمت "النهار" أن الأمور تسير نحو التزكية في معظم البلدات ذات الطابع الشيعي، فيما ستشتعل نار المعارك في مدينتي بعلبك والهرمل وشمسطار، حيث سيكون الثنائي في قلب الأحداث في هذا الإطار، وقد جهزت ماكينته الانتخابية كل ما تحتاجه لانتخابات قبل بدء الحرب الأخيرة.
وأفادت المصادر أن ماكينة حزب "القوات اللبنانية" قد انطلقت بنشاط ملحوظ على الأرض، حيث تعمل بكافة لجانها، متبنية مبدأ "تكامل القوات والعائلات"، مع الحفاظ على الأعراف والتقاليد المتأصلة في البلدات. فهي تسعى إلى تحقيق توافق حقيقي، لا يفرض مرشحين على العائلات، بل يهدف إلى اختيار الأجود من بين مرشحين قدمتهم العائلات، و"القوات " هي من تختار وفق التوازن والكفايات المهنية والعلمية من أجل تشكيل مجلس بلدي متكامل يستند إلى معايير محددة تتلاءم مع طبيعة المجالس البلدية في المنطقة.
وشدد المصدر على ان "القوات" تسعى من هذه الانتخابات إلى تحقيق هدف راسخ يتمثل في تعزيز الوجود المسيحي في الأطراف وزيادة الكثافة السكانية، مما يساهم في إعادة الحياة إلى هذه البلدات والقرى. ويأتي ذلك عبر برنامج شامل وضعته، يتركز على إنشاء مجالس بلدية تعكس تطلعات الأهالي التنموية. كل ذلك ينطلق من مؤتمر تربوي بارز يُعقد في البقاع الشمالي تحت عنوان "التعليم المستدام - تحديات وفرص في بناء مستقبل المنطقة"، برعاية رئيس حزب "القوات اللبنانية" سمير جعجع، سيُقام يوم السبت المقبل في دير الأحمر.
في المقابل، لا يزال "تيار المستقبل" يتخذ موقفاً غامضاً، وسط معلومات متزايدة عن إمكانية تحالفه مع الثنائي.
في الظروف السياسية الراهنة، تُعد الانتخابات البلدية بمثابة منصة حيوية يعبّر من خلالها البعلبكيون عن آرائهم في القوى السياسية المحلية، ولاسيما الثنائي والاحزاب كافة في بعلبك حيث ستكشف المشاركة الواسعة مدى تأثير هذه القوى في نبض الشارع الشعبي، وستحدد ملامح استراتيجياتها المستقبلية. كما أن نجاحها في هذه الانتخابات سيساهم في تعزيز نفوذها على الساحة السياسية المحلية، ويمنحها شرعية أكبر لتولي إدارة الشؤون المحلية بكفاية، خصوصا في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي نواجهها. ستكون هذه الانتخابات بمثابة اختبار حقيقي لقدرة القوى على تحقيق تطلعات المواطنين وتجسيد تحسين ملموس في حياتهم اليومية.
في المقابل المعارضون للثنائي الشيعي، الذين لم يتمكنوا من توحيد صفوفهم، إذ يعمل كل منهم بشكل مستقلا، يرون أن التحديات الاقتصادية والاجتماعية التي تعصف بالمنطقة قد تلقي بظلالها على شعبيتهه في الاستحقاقات الانتخابية المقبلة. ويشيرون إلى تدهور الخدمات الأساسية والإحباط في صفوف المواطنين، ما يزيد حدة الضغط على القوى السياسية الحاكمة. ويؤكدون أن إخفاق الثنائي في تحقيق إصلاحات تنموية جذرية قد تنجم عنه تداعيات سلبية على تأييدهم الشعبي. لذا، تمثل الانتخابات البلدية فرصة سانحة للمواطنين للتعبير عن رضاهم أو رفضهم للأداء السياسي المحلي.
والواقع أن الثنائي الشيعي كان عنصرا محوريا في التصدي للأزمات والتحديات التي تعصف بالمنطقة، لاسيما الحزب الذي ادى دور الممول الأساسي للبلديات في غياب الدعم الحكومي وتوقف تحويلات الصندوق البلدي المستقل. وقد اعتاد الثنائي الحضور المؤثر في بعلبك - الهرمل بفضل الهيكل التنظيمي القوي الذي يملكه وأدائه في بعض المجالات، مثل تعزيز الأمن والاستقرار في المنطقة. إلا أن الوضع الاقتصادي المتدهور والحالة الاجتماعية الصعبة التي يعانيها المواطنون قد تُضعف تأييد الناس لهم ما لم يتم تقديم حلول ملموسة تسهم في تحسين حياتهم اليومية.
انتخابات 2025، ستكون مناسبة للثنائي لقياس قوته السياسية في المنطقة، فهل يزداد تأثيره في على الرغم من التحديات؟ أم أن هناك حاجة إلى تطوير سياسات جديدة تضمن تلبية حاجات الناس وتجاوز الأزمات التي يواجهونها؟ الجواب قد يتكشف خلال الحملة الانتخابية، عندما يحدد المواطنون ما إذا كانوا راضين عن تمثيل هذه القوى في بلدياتهم أم لا.
تاريخ النشر:2025-03-07