
خاص موقع جمعية العمل البلدي - نور شعبان
في أعقاب العدوان الإسرائيلي الأخير، الذي خلف دماراً شبه كامل في قرى جنوب لبنان وخاصة الحدودية منها، برز اتحاد بلديات جبل عامل كقوة فاعلة في مواجهة التحديات الكبرى. تحت قيادة رئيس الاتحاد علي طاهر ياسين، يتم تنفيذ خطة استجابة سريعة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه في محاولة لتسريع عودة الأمل لأهالي القرى المنكوبة.
وفي حديث لموقع جمعية العمل البلدي، وصف ياسين الوضع بالمؤسف مؤكداً أن الأضرار كبيرة جداً حيث طال الدمار جميع القطاعات تقريباً. وقال إن القرى تعاني من دمار شامل للبنى التحتية، بما في ذلك انقطاع المياه والكهرباء بفعل التجريف والطرقات. كذلك تم تدمير المراكز البلدية، المساجد، والمباني العامة.
أما القطاع الزراعي، الذي يُعتبر مصدر رزق رئيسي للعديد من أهالي المنطقة، يشير ياسين إلى أنه تعرض لضربات قاسية، خاصة بالنسبة لأصحاب المواشي الذين فقدوا مصدر عيشهم رغم أنهم كانوا آخر من غادر بلداتهم.
ولفت ياسين إلى أن "إعادة مقومات الحياة إلى البلدات سيستغرق وقتاً طويلاً بسبب حجم الدمار"، وقال إن مظاهر وجود الدولة اقتصرت على الإحصاء ومجلس الجنوب، الذي لا يمتلك الموازنة الكافية لإعادة الإعمار.
رغم المصاعب، ومنذ اليوم الأول لوقف إطلاق النار، بدأ اتحاد بلديات جبل عامل بتنفيذ خطة إجراءات تقديرية مسبقة، بالتعاون مع البلديات والجهات المحلية والدولية، وشملت الخطة عدة محاور رئيسية.
وعمل الاتحاد على فتح الطرقات الأساسية التي تربط القرى ببعضها، بالإضافة إلى الفرعية داخل البلدات. وتمت هذه العملية بالتزامن مع دعم جزئي لرافعي الأنقاض ومنتشلي جثامين الشهداء، حيث تعاون الأهالي والجيش والاتحاد في هذه المهمة.
كذلك قدم الاتحاد الدعم للبلديات التي دُمرت مراكزها، حيث تم تقديم مراكز بديلة لتمكين البلديات من متابعة عملها بسرعة. هذا ويعمل الاتحاد بالتنسيق مع البلديات لإعادة تأهيل الخدمات العامة الأساسية مثل المياه، الكهرباء، والاتصالات.
من جهة ثانية، أولى الاتحاد اهتماماً خاصاً بالشأن الزراعي، إذ يعمل مع مؤسسة جهاد البناء لتأمين حاجات المزارعين، خاصة أصحاب المواشي الذين فقدوا مصدر رزقهم. وقال ياسين إن التجاوب الدولي لم يكن على النطاق الواسع المطلوب، لكن بعض الجمعيات الدولية مثل اللجنة الدولية للصليب الأحمر، والمجلس النرويجي للاجئين، ومؤسسة مياه لبنان الجنوبي، قدموا مساعدات قيمة. كما ساهمت مبادرات شعبية وثقافية وفنية من بلدان عديدة في تقديم الدعم.
وكعادتهم، لم يترك الأهالي البلديات والاتحاد، فنشط المتطوعون وأصحاب الآليات والجمعيات الأهلية لاستكمال أعمال التنظيف والصيانة. كما تم تحويل قاعة في مجدل سلم إلى قاعة مناسبات عامة كبديل مؤقت بعد تدمير مسجد البلدة. بالتوازي، نظمت مبادرات بالتعاون مع الاتحاد والبلديات مخيمات تطوعية لمتابعة أعمال التنظيف والصيانة للأماكن العامة وزيارة عوائل الشهداء.
وفي حديثه لموقعنا، وجه رئيس الاتحاد نداءات عاجلة إلى رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة والوزارات المعنية للمساعدة في إعادة الإعمار. كما ناشد المحافظ لإعلان القرى الحدودية "منطقة منكوبة"، مما يسهل حصولها على الدعم اللازم.
وختم ياسين كلامه بتوجيه تحية شكر وتقدير للعاملين في فرق الإنقاذ، بما في ذلك الصليب الأحمر، كشافة الرسالة، الهيئة الصحية، والدفاع المدني، الذين قدموا تضحيات جسيمة لإنقاذ الأرواح وإعادة الأمل إلى المنطقة.
في ظل الدمار الشامل، يبقى اتحاد بلديات جبل عامل رمزاً للتعاون. ورغم التحديات الجسيمة، فإن الجهود المتضافرة بين الاتحاد، البلديات، الجمعيات الأهلية، والمبادرات تثبت أن إعادة الحياة إلى القرى المنكوبة ليست مستحيلة رغم صعوبتها.
تاريخ النشر:2025-02-21