
خاص موقع جمعية العمل البلدي
كثيرة هي الملفات التي تتحملها بلدية طرابلس رغم ضعف الإمكانيات وحاجة المدينة الملحة إلى إنماء شامل. لكن الملف الأصعب الذي يرهق البلدية ويكبّلها عن العمل هو "المركزية الإدارية"، إذ لا تستطيع طرابلس كسلطة محلية قبول أي هبة أو تنفيذ أي مشروع أو صيانة كبرى دون الرجوع إلى الوزارات والإدارات المعنية.
ولأن الروتين الإداري يمر بدوامة من التواقيع والموافقات، تقف بلدية أهم مدينة مملوكية بعد القاهرة وعاصمة الثقافة العربية للعام 2024 عاجزة عن الخدمة، دون بعض الصيانات البسيطة أو الورش الخفيفة. رئيس بلديتها الحالي رياض يمق يشكو من "التركيبة الإدارية للنظام"، فعلاقته الطيبة بالأهالي والموظفين، وقدرته على تأمين المشاريع من الجهات المانحة تعيقها مركزية القرارات. رغم ذلك، لا يهدأ مكتبه عن استقبال الوفود والموظفين متابعةً للعمل، وبحثاً عن أي نافذة إدارية تُوظَّف لصالح المدينة.
موقع جمعية العمل البلدي زار بلدية طرابلس واجتمع برئيسها. وفي حديث مطول عن الواقع البلدي، وتاريخ المدينة وما فيها من إمكانيات وآثار، قدّم يمق سلسلة أفكار ومشاريع يمكن أن تعيد لطرابلس موقعها التاريخي المهم على البحر المتوسط. لكن كل ذلك محكوم بمركزية القرار، فلو كان لطرابلس استقلالية بالقرارات البلدية لتم تقديم الكثير من الخدمات ولتم قبول عشرات الهبات القيّمة لرفع مستوى الإنماء وتحسين الخدمات.
مهام البلدية اليوم، بحسب يمق، محصورة بإزالة المخالفات ورفع التعديات وإعطاء رخص البناء والترميم، فضلاً عن بعض الأعمال الأخرى كتنظيم السير ورفع النفايات والاهتمام بالحدائق العامة من كنس وتعشيب وريّ للمزروعات. فأولى معضلات العمل البلدي في عاصمة الشمال هي تأمين رواتب حوالي 600 موظف، ذابت معاشاتهم في دولرة الأسعار وضعف إمكانيات البلديات.
يشير يمق إلى أن ما تحتاجه المدينة من خدمات عامة وتفعيل لدورها يحتاج إلى خطة كاملة من الحكومة الحالية. فالمدينة أهملت لسنوات، وبعد الأحداث الأخيرة تضرر قسم كبير من خدماتها العامة. حتى المبنى البلدي لم ترفع عنه بعد آثار الحريق منذ كانون الثاني 2021، والدخول إليه رغم كل الصيانات البسيطة، لا يليق بمبنى بلدي للعاصمة الثانية بعد بيروت.
وخلال زيارته من قبل موقع جمعية العمل البلدي، يؤكد رئيس بلدية طرابلس رياض يمق أنه لو فعّلت المرافق الثقافية والترفيهية في طرابلس، من قلاع ومساجد قديمة وكنائس أثرية وآثار حضارية، لنشطت إليها السياحة الداخلية، لأن طرابلس خليط من الثقافات والحضارات وكلها تعيش تجانساً رائعاً فيما بينها. ويضيف إن تفعيل دور طرابلس يعزز منطقة الشمال ككل، فيها ملتقى كل المحافظة، وفيها ينشط العمل والتجارة.
عن علاقته الطيبة بالناس، يقول يمق إن الثقة أساس العمل، فهو اكتسب خلال الفترة الماضية ثقة الناس بأنه في خدمتهم، فسهلت الكثير من مهام البلدية. ولأن الثقة مدخل مهم لتنظيم دورة الحياة وقمع المخالفات، بدأت تظهر في المدينة نتائج العمل البلدي. حتى الجباية تحسنت مؤخراً في طرابلس، فثقة الناس بأن البلدية تعمل لخدمتهم أسهمت بمسارعة الكثير من أصحاب المنازل والمحال التجارية لدفع المستحقات المتوجبة.
بحوزة رئيس بلدية طرابلس العديد من الأفكار والدراسات لإعادة المدينة "لعصرها الذهبي". فكل عناصر الحياة متوفرة بها من مرفأ وبحر وميناء وسياحة ومعامل واقتصاد وغيرها الكثير، لكن ما تحتاجه هو "اللامركزية في القرارات البلدية". إذ تقبع البلدية تحت جرف الروتين الإداري، الذي يؤخر عملها ويحدها عن قبول الهبات والمساعدات التي هي بالأساس موجهة لخدمة الناس.
وفي ختام حديثه لموقعنا، يعد يمق بمواصلة العمل مهما صعب، والاستمرار بخدمة الأهالي بما توفر من إمكانيات، وأن يزيد ثقة الطرابلسيين ببلديتهم، بما يسهم حكماً بتعزيز المدينة ودورها.
تاريخ النشر:2024-06-10