خاص موقع جمعية العمل البلدي
يُشهد للعديد من البلديات الكبرى والوسطى في لبنان تعاوناً "بلدياً - أهلياً" شكل ركيزة في مواصلة خدمة الناس وتطوير البنى التحتية في وقت ألقت الأزمة الاقتصادية بظلالها على توقف جميع المشاريع. إلا أن ما أنجزته بلدية صيدا منذ أشهر، مستفيدة من مجتمعها المحلي وثقة أهلها، يعدّ نموذجاً متقدماً في التكاتف والتعاون خدمةً للمدينة التي لطالما شكلت بوابة الجنوب ومركز الخدمات الأساسية فيه.
منذ تسلمه رئاسة البلدية في شهر آب عام 2023، وجد الطبيب الجراح حازم بديع نفسه أمام معضلات صعبة وأزمة حادة تعيق الحلول وتفاقم الوضع. فالمدينة الغارقة بالنفايات و"هيبة" البلدية المندثرة نتج عنها تراخٍ عند البعض في التقيّد بالضوابط العامة، وفتح الباب أمام العديد من المخالفات.
رغم عمله الجراحيّ، إلا أن بديع أخذ على عاتقه معالجة المشكلة بالتعاون مع الأهالي لا بالكيّ، ففتح مكتبه في البلدية قرب ساحة النجمة وسط المدينة أمام المحبين والمهتمين والمبادرين ووضع الخطط و"شمّر عن ساعديه" ونزل إلى الشارع وبدأ بالعمل، غير مكترث للتهويل بالفشل أو حجم المشاكل وصعوبتها.
هذه المبادرات الأهلية مع المجتمع الصيداوي، والنقاشات الطويلة جعلت قرارات البلدية متينة ومفتوحة أمام كل الخيارات. ولأنها قُرّرت بإشراك الجميع، لاقت تنفيذاً سريعاً على الأرض إذ بادروا لإنقاذ المدينة من سوء ما وصلت إليه. موقع جمعية العمل البلدي زار رئيس بلدية صيدا حازم بديع في مكتبه، وبحث معه آلية عمل البلدية والتعاون مع الأهالي، وكيف حولت البلدية لجان الأحياء والمناطق إلى عناصر فاعلة نشطة خدمةً للمدينة وأهلها.
يرى بديع أن كل ما أنجزته البلدية حتى الآن، لا يعدو عن كونه واجباً طبيعياً لأي مجلس يعمل لخدمة الناس والتجار في المدينة. فكل المساعي الحميدة إن كانت في ملف النفايات أو تجميل الطرقات وإنارتها أو إزالة المخالفات والتعديات، أمراً طبيعياً يجب على كل سلطة محلية القيام به، إلا أنه واجب، فضلاً عن كونه ينبع من حسّ بالمسؤولية.
إشراك المجتمع المدني ينجح العمل
يشير إلى أبرز إنجازاته منذ توليه الرئاسة: إشراك المجتمع المدني في التخطيط والقرارات والعمل. يقول في حديثه لموقعنا إن أبرز لجنتين تعملان مع البلدية حالياً هما لجنة النفايات ولجنة التعديات. فالنتائج التي تحققت بإرجاع المدينة نظيفة وتنظيم شوارعها، دليل كافٍ على نجاح التجربة. يلفت إلى أن لجنة النفايات تتألف من 70% عناصر من المجتمع الأهلي و30% من موظفي البلدية. هي تتابع عملها وتعقد اجتماعات أسبوعية لتقييم ما أنجز وتبحث في كل المشاكل وسبل حلها.
أما عن عمل لجنة المخالفات فهي تتألف إضافة إلى المجتمع المدني من عناصر البلدية وشرطتها. تقوم اللجنة على مراقبة كل مخالفة في البلدة من لافتة هنا أو لوحة إعلانية هناك أو تعدٍ على الملك العام، والإبلاغ عنها. المفارقة أن عمل اللجنة لا يقوم على رفع التعدي بالقوة أو مجابهة البلدية التجار والأهالي، بل أساس العمل فيه توعية الناس لضرورة تنظيم ما يريدون القيام به، على أن تسهّل البلدية عملهم وتنظمه.
فالخيمة على باب المحل أو اللافتة، تحتاج إلى بعض الإجراءات البلدية بما يحافظ على مظهر المدينة الراقي. ولأن أصل العمل يقوم على التعاطي الإيجابي مع التجار والأهالي، لاقت اللجنة وعملها ترحيباً من المخالفين. حتى باتت اليوم مظاهر المخالفات نادرة، بل زادت عند البلدية طلبات الإذن للقيام بأي نشاط أو رفع أي لافتة. يشير بديع في حديثه لموقع جمعية العمل البلدي إن أصل العمل بإشراك الأهالي يهدف إلى التفاعل الإيجابي مع المجتمع لا التحدي له. فنفوذ البلدية يبسط ويستقر بحسن التعامل لا بالمواجهات.
كل هذه المبادرات الأهلية - البلدية، عززت عند الناس والتجار ركيزة وجود البلدية وأنها الشخص المعنويّ الموكل بتنظيم الأمور ولا بدّ من العودة إليه قبل العمل لا بعده. هذه الثقة انعكست إيجاباً عند الجميع، فتعززت بذلك الجباية السنوية، إذ وجد الأهالي أن البلدية إلى جانبهم في الخدمة، ولجانها الأهلية هم بالأساس منهم والعمل لتحسين الوضع العام وإعادة صيدا إلى مكانها الطبيعي.
الشفافية وتقرير العمل الاسبوعي
ولأن الشفافية أصل العمل ولبّه، يشرف رئيس بلدية صيدا حازم بديع على إصدار التقرير الأسبوعي لكل ما أنجز. يعتبر بديع أن من حق الناس أن تسأل عما تقوم به البلدية، والتقرير الأسبوعي بدوره ينصف فرق البلدية بما قدموه خدمة للأهالي. فالتقرير الأسبوعي يؤكد عزم البلدية على العمل، وأنها جادة في الخدمة، ومن يجول في المدينة وأحيائها يلحظ جلياً الفرق بين ما هو الواقع اليوم وما كان عليه قبل سنة.
لا يقف طموح رئيس بلدية صيدا عند حلّ مشاكلها الآنية أو تنظيم أوضاع الناس، بحوزة بديع العديد من الأفكار والمشاريع قيد الدراسة. يطمح أن يضيء المدينة بالطاقة الشمسية بالكامل - وقد بدأ بذلك. يرى أن إنارة الشوارع يعزز السلامة المرورية ويزيد من جماليتها ويضفي على المدينة رونقاً سلب منها نتيجة الأزمة الاقتصادية والانقطاع الدائم للتغذية بالكهرباء.
ولأن الإمكانيات محدودة، لا يقف رئيس بلدية صيدا عن البحث عن تمويل عبر الجهات المانحة لتقديم كل "خير" للمدينة. فلا مكتبه يفرغ من الاجتماعات الدورية، ولا الشارع يفتقد نزوله إليه لمراقبة سير العمل، ولا اللجان الأهلية تكبلها الظروف الصعبة عن طرح كل مشروع إنمائي للمدينة فيه تقدم وازدهار.
وفي ختام الزيارة إلى مكتبه، يشكر رئيس بلدية صيدا حازم بديع جمعية العمل البلدي على مواكبتها عمل البلدية والاهتمام بأخبارها. يثني على دور الإعلام في نقل ما ينجز على الأرض، لما فيه من إظهار لجهود الفرق البلدية وشرطتها من جهة وعمل لجان الأهالي والمجتمع المحليّ من جهة أخرى. يعدّ بمواصلة العمل - بالتي هي أحسن - حتى يقدم لصيدا وأهلها كل التسهيلات والخدمات مهما قلّت أو نقصت الإمكانيات، فالتخطيط والدراسة واجب كل بلدية والبحث عن تمويل أصل العمل بظل الأزمة المالية وتقصير الوزارات عن القيام بالدور كاملاً.
تاريخ النشر:2024-07-24