
خاص موقع جمعية العمل البلدي - نادين عباس
بعد انتهاء العدوان الاسرائيلي الأخير على لبنان، استأنفت بلديات الضاحية الجنوبية عملها بوتيرة مكثفة لإزالة آثار الدمار وإعادة الحياة إلى طبيعتها. فلم تقتصر الجهود على رفع الركام وإصلاح الأضرار، بل امتدت إلى مشاريع تنموية تهدف إلى دعم المجتمع المحلي.
يبرز في هذا الإطار نموذج بلدية برج البراجنة، التي لم تكتفِ فقط بإعادة الإعمار، بل حرصت على تنفيذ مبادرات اجتماعية وإنمائية تهدف إلى إعادة الحياة إلى طبيعتها وتعزيز صمود المجتمع. فقد أدركت البلدية أن إعادة الإعمار لا تعني فقط ترميم المباني وإصلاح البنى التحتية، بل تشمل أيضًا دعم المجتمع وتوفير بيئة حاضنة.
في هذا السياق، وبالتعاون مع الجامعة العربية المفتوحة، أطلقت البلدية برنامجًا تدريبيًا متخصصًا لدعم السيدات المتضررات من الحرب، بهدف مساعدتهن على إعادة تنشيط مشاريعهن الصغيرة التي توقفت بسبب الأوضاع الصعبة. وقام مركز ريادة الأعمال في الجامعة بتنفيذ هذا البرنامج من خلال تزويد المشاركات بالمهارات الإدارية والريادية اللازمة لإعادة بناء أعمالهن واستئناف نشاطهن الاقتصادي، مما يسهم في تحسين أوضاعهن المعيشية ودعم أسرهن.
وقد انطلقت الجلسة الأولى من الدورات التدريبية في مركز مودة التابع للبلدية، على أن تستكمل الجلسات المقبلة في مقر الجامعة في الطيونة، في خطوة تعكس التعاون المثمر بين القطاع البلدي والأكاديمي لتعزيز روح المبادرة والتمكين الاقتصادي للمرأة.
إلى جانب هذه المبادرة، تواصل بلدية برج البراجنة جهودها لتحسين البنية التحتية والخدمات الأساسية في المنطقة. فقد استمرت أعمال تنظيف الشوارع وكنسها بالتعاون مع شركة "سيتي بلو" وجمعية "مدرار"، وبالتنسيق مع المفرزة البيئية في البلدية، لضمان بيئة نظيفة وصحية.
كما تعمل البلدية على زرع أعمدة الكهرباء الجديدة وتنظيم الكابلات الممدودة بشكل عشوائي بالتعاون مع شركة كهرباء لبنان ومنطقة بيروت، بهدف تحسين شبكة الكهرباء والتخفيف من المخاطر التي تسببها التمديدات العشوائية.
وفي إطار الحفاظ على المساحات العامة، قامت البلدية بإزالة التشحيل ورفع الأنقاض من أمام مدرسة برج البراجنة الرسمية الثانية للبنات، لضمان بيئة آمنة للطلاب والعاملين في المدرسة. كما نفّذت بالتعاون مع القوى الأمنية والجيش وشرطة البلدية وشرطة اتحاد بلديات الضاحية الجنوبية حملة لإزالة التعديات على الأملاك العامة، في خطوة تهدف إلى إعادة تنظيم المساحات العامة وضمان استخدامها بالشكل الصحيح.
وبحرصها المستمر على سلامة المواطنين، تواصل البلدية جهودها لإزالة الأبنية المهدمة جزئيًا التي قد تشكل تهديدًا مباشرًا على السلامة العامة، مما يضمن بيئة أكثر أمانًا لجميع سكان المنطقة ويسهم في تعزيز استقرار الحياة اليومية.
إن هذه الجهود تعكس التزام بلدية برج البراجنة ليس فقط بإعادة إعمار ما دمرته الحرب، بل أيضًا بخلق بيئة اجتماعية واقتصادية تساهم في دعم الفئات الأكثر تأثرًا بالأزمة. فالنهضة لا تُبنى بالحجر فقط، بل تبدأ من الإنسان، وتستمر عبر تمكينه وتوفير الظروف الملائمة لنموه وازدهاره.
ما تفعله بلديات الضاحية هو وسامٌ من الصمود والمقاومة، وعملٌ يفتخَر به ويسجّل بين صفحات العز والفخر. فمن بين الركام تولد العزيمة، ومن وسط التحديات ينبثق الأمل. فهذا الجهد المستمر لا بدّ أن يثمر يومًا، ليزهر نصرًا يتجاوز كل العقبات، ويعيد الأمل والإزدهار إلى كل زاويةٍ شهدت الألم.
تاريخ النشر:2025-02-13