
خاص موقع جمعية العمل البلدي - نادين عباس
ماذا يعني أن تبني أيادٍ صامدة خيمةً من نور فوق رُكام حسينية؟ أليست هذه من أعظم رسائل الصمود للعدو؟ أننا شعبٌ عنيد، عنيدٌ في انتصاره، عنيدٌ في فرحه، وأن اليأس ليس له مكان في معجمنا. إن نبتت وردةٌ بين الحجارة، سمّيناها "الوردة المعجزة"، فماذا إن بُنيت خيمةٌ فوق الركام وعلى الذكريات؟ ماذا نسميها إذًا؟ نعم، إنها "الخيمة المعجزة".
في قلب عيناثا، البلدة التي صمدت أمام العدوان وحوّلت الألم إلى أمل، تنبض "خيمة الفرح، خيمة رمضان" بروح الحياة. إنها خيمةٌ يتجسّد فيها الأُنس والأمان، يجتمع فيها الأهالي في شهر رمضان، كلٌّ يحمل في قلبه حكايات وأسرار. هي متنفسٌ لمن جعل السعادة والطمأنينة خياره الأوحد، وهي ملاذٌ لشعبٍ لا يعرف للهزيمة معنى.
مبادرة شبابية برعاية البلدية
يؤكد رئيس بلدية عيناثا رياض فضل الله، أن هذه المبادرة الشبابية جاءت لتكون نقطة تجمع للأهالي والشباب في منطقةٍ شهدت دمارًا كبيرًا، حيث تم تدمير المسجد والحسينية وروضة الشهداء ومعظم المنطقة المحيطة. ورغم ذلك، كان الردّ بأن الحياة تستمر، والفرح خيارٌ لا يُهزم.
وفي حديث لموقع جمعية العمل البلدي شرح فضل الله أنه تُقام في الخيمة سهرات رمضانية أنيسة يجتمع فيها الشباب، ومع نهاية الأسبوع يزداد عدد الحضور مع مشاركة العائلات. ويتم تقديم وجبات السحور المجانية بدعمٍ من أيادي الخير، في تجربة مجتمعية تجمع بين التضامن والفرح. وتمتد مساحة الخيمة على 350 مترًا مربعًا، ما يجعلها مناسبة ليس فقط للسهرات الرمضانية، بل قد تكون أيضًا مكانًا لإقامة العزاء والمناسبات المجتمعية القادمة.
أكثر من مجرد خيمة
وأضاف فضل الله أنه إلى جانب الأجواء الرمضانية المليئة بالدفء، تحمل الخيمة في طياتها رسائل أعمق، فهي مساحة تنبض بالحياة، تُقام فيها أمسيات شعرية ومسابقات ترفيهية. تُفتح أبواب الخيمة يوميًا ابتداءً من الساعة الثامنة مساءً، حيث يجتمع الجميع لتبادل الأحاديث واستعادة الذكريات، ويبدأ تقديم وجبة السحور عند الساعة الثانية عشرة منتصف الليل حتى وقت الإمساك.
ويلفت فضل الله الى انه في منتصف شهر رمضان (اليوم الخامس عشر) سيقام احتفال بمولد الإمام الحسن (ع)، يشمل توزيع الهدايا وإقامة مسابقات للأطفال. وهذه السنة تُعدّ السنة السادسة التي نُعيد فيها هذا الاحياء، معززين بذلك روح الفرح والتجدد في مجتمعنا. ويصف فضل الله لموقعنا خيمة الرمضانية برمزٍ للصمود، الذي توفير مساحة تجمع الأهل والأحبة في أجواء رمضانية دافئة. وفي ختام حديثه لموقعنا، يقول رئيس بلدية عيناثا رياض فضل الله: "الرسالة واضحة: نحن صامدون، نحب الحياة، ومصمّمون على النمو مهما كان الدمار حولنا".
تعكس تجربة الخيمة الرمضانية رسالة قوية لكل البلديات حول أهمية تعزيز الروابط الاجتماعية وتوفير المساحات التي تجمع الأفراد، خاصة في أوقات التحديات. فهي تبرز دور البلديات في الحفاظ على النسيج الاجتماعي. كما تُظهر أن الفرح والتضامن ليسا مجرد شعارات، بل أسلوب حياة يُمكن تبنيه على أرض الواقع من خلال المبادرات التي تساهم في إعادة إحياء المجتمعات وتعزيز روح الصمود.
هنا، حيث تلتقي الذكريات بالأمل، وحيث تتجسد معاني الحياة في أبسط لحظاتها، يُثبت أهالي عيناثا أن الفرح باقٍ رغم أنف العدو وأن الوحدة والتضامن هما قوتنا الحقيقية. نعم .. إنها الخيمة المعجزة التي يترسّخ في كل زاوية منها قيم الصمود، ويُعاد رسم خارطة المستقبل على أنقاض الماضي.
تاريخ النشر:2025-03-07